كتبت أيه أبو النجا
إزاي الفلوس بدأت؟ وليه الدولة ماينفعش تطبع فلوس كتير وتوزعها علينا، ومين اللي اخترع فكرة الفلوس وليه عمل كده! وإن لازم عشان تروح مكان تدفع وعشان تشتري حاجة تدفع، وبقيت حياتك متوقفة على معادلة (معاك فلوس زائد اللي أنت عاوزه يساوي التحقق.)
بداية الفلوس
لو رجعنا بالزمن لورا شوية مش سنة ولا إتنين ولا حتى أربعين هنرجع لحد الإنسان البدائي اللي كان ماشي في أمان الله بيدور على حاجته الأساسيه اللي هي "الشرب، الأكل، اللبس والزوجة"، وبعد شوية الإنسان لقى الموضوع مُتعب في إنه بيعمل كل ده بنفسه ومن هنا بقى اتعمل " نظام المقايضة."
نظام مقايضة المنتجات
والنظام ده عبارة عن إنهم قالوا اللي شاطر في حاجة معينة يعملها ونبدل الإنتاج سوا؛ يعني زي مثلًا واحد صحته قوية ده يروح يصطاد بس بكمية كبيرة جدًا عشان يبقى ليه ولكل اللي في القبيلة، والشخص اللي بيعرف يخيط الهدوم هو اللي يعمل اللبس واللي بيعرف يزرع هيكون مسئول عن زرع الخضروات والفواكه، وفي النهاية نبدل ده مع بعض يعني إن أنت تعطيني اللحمه الزيادة اللي عندك، وفي المقابل أنا هعطيك الخضار الزيادة اللي عندي.
بس النظام ده مع الوقت ظهر فيه مشاكل بسبب إن إزاي حد يبدل لحمة بخضار!، وإن إزاي قيمتهم بتساوي بعض ومحدش كان عارف كيلو اللحمة بيتقايض بكام كيلو من الفاكهة، وبدأوا يفكروا في طريقة تانية غير المقايضة وقرروا استخدام المعادن.
نظام النقود المعدنية
أول من استخدم نظام النقود المعدنية "النحاس" كان الفرس وبدأوا استخدامها في القرن الـ 18 قبل الميلاد، وبقى معروف كيلو اللحمة بكام حتة نحاس بس برضو ظهرت مشاكل بسبب التبادل والقيمة، وبقى موجود ناس كتير مابيقدموش أي منتج وبيروحوا يستخرجوا المعادن ويبدلوها بمنتجات تانية وبقى زيهم زي اللي بيتعب و بيقدم خدمة.
وبسبب كده دوروا على حل تاني وهو ما يعرف بـ "النقود المعدنية الموحدة " اللي هي "الفضة والذهب"، وده كان حل أحسن بكتير من النحاس وده لأن " الفضة والذهب" كانوا معادن نادرة جدًا وليهم قيمة كبيرة ومن الصعب يتم تقليدهم.
وبدأت الدول تعتمدهم في تبادل المنتجات والنظام ده أول من استخدمه " الليديين" ودول ناس من جنوب غرب آسيا، ده غير إنهم عملوا "سك العملة" وبدأوا يعطوا للمعدن حجم ووزن وقيمة معينه بس برضو العملات المعدنية عملت مشاكل بسبب إن وزنها تقيل جدًا وبيصعب نقلها.. طب ايه الحل؟
الناس بدأت يعملوا ايداع للعملات المعدنية عند شخص أمين يحافظ عليهم، والشخص ده سُمي بـ "الصراف"، والصرافين بدأوا بطباعة ورق مزخرف بشكل معين حاجة كده زي ايصال وضمان بياخدوا أي شخص حاطط عملاته عند صراف، ومن هنا بقى جات فكرة "الفلوس الورق" اللي احنا بنتعامل بيها دلوقتي.
الفلوس الورق
أول ورقة نقدية تم طباعتها كانت سنة 1656 في بنك "Stockholm" وكانت بمثابة مستند إن اللي شايلها يبقى موجود ليه عملات من الذهب في البنك ده، وبيكون مكتوب على الورقه قيمة الذهب قد إيه وممكن في أي وقت يروح البنك ويبدل الورقة بالعملات الذهبية.
ومع الوقت إنتشرت فكرة البنوك زى " بنك مصر ، البنك الأهلي ، بنك القاهره " ، وكمان انتشرت فكرة الدفع الأون لاين و التعامل بالفيزا لسحب وايداع الفلوس، وده سهل عملية تحويل الفلوس.
طيب مين اللي اخترع الفلوس؟
محدش قدر يحدد شخص بعينه إن هو مخترع العملات النقدية، وده لأن الناس كانوا بيستخدموا أنواع من العملات المختلفة من 600 سنة قبل الميلاد، وكان في ناس كتير إهتموا بتطوير العملات اسمهم "الليديين" من مملكة ليديا اللي معروفة دلوقتي باسم تركيا.
ماشي شكرًا عرفت تاريخ العملات ما جاوبتنيش برضو على السؤال اللي بيجي في بالنا كلنا إن ليه الدولة ما تنفعش تطبع فلوس كتير، ويتم القضاء على الفقر ومايبقاش في حد فقير وكله يبقى غني؟ والمشاكل تتحل والحياة تبقى وردي وألوان.
ثواني مفيش مشاكل هتتحل دي هتزيد لأن في حالة لو الدولة عملت كده هتكون بتقدم عملات أكتر من حجم الاقتصاد، وبالتالي هيحصل انهيار لقيمة العملة وده هيوصل الدولة لعدم الاستقرار والانهيار الاقتصادي، وكمان انهيار البنية الاجتماعية وكل القطاعات.
تخيل معايا كده لو الدولة جابتلك 300 مليون دولار وقالتلك دول ملكك، ونفس اللي عملته معاك حصل مع كل الشعب وبقى كل شخص معاه 300 مليون دولار طبعًا من الفرحة هتجري تشتري كل اللي عاوزه واللي مش عاوزه ده اللي معاه قرش محيره بيجيب حمام ويطيره مابالك اللي معاه ملايين الدولارات.!
وهيكون معتش في دافع جوا أي حد إنه يشتغل يعني الخباز معتش هيقوم في عز البرد عشان يعمل العيش، ولا الفلاح هيصحى من النجمة عشان يزرع الأرض وقيس على ده بقى كل الوظايف اللي أنت ماتقدرش تستغنى عنها في حياتك، ما هو أصل الناس هتشتغل ليه وهما عندهم مال يكفيهم وزيادة؟ فمين الدولة المجنونة اللي تعمل كده.. والمفاجأة إن في دولتين عملوا تجربة "طباعة فلوس كتير."
" دولة زيمبابوي "
في سنة 2008 حصل في زيمبابوي إن الحكومة طبعت فلوس كتير كمحاولة لدفع عجلة نمو البلاد، والنتيجة كانت كارثة والأسعار ارتفعت ومعدل التضخم تجاوز 230 مليون، وقيمة الفلوس مابقتش تساوي تكلفة الورق اللي اطبعت عليه.
" دولة فنزويلا "
طبعت العملة بشكل مفرط وبالتالي العملة الفنزويلية انهارت وفقدت 99% من قيمتها، والأسعار ارتفعت بطريقة ما تتصدقش ..يعني عندك مثلًا عشان المواطن الفنزويلي اللي عاوز يشتري فرخة وزنها كيلو جرام هيدفع 14 مليون و 600 ألف بوليفار، ولو حب يشتري مع الفرخة كيلو طماطم فسعره وصل لـ 5 مليون بوليفار؛ يعني بتمن أكلة تشتري قصر.!
باختصار الدولة ممكن تطبع فلوس كتير وتوزعها علينا وكلنا نبقى أغنيا بس ساعتها الفلوس مش هيبقى ليها أي قيمة، وهتبقى مجرد ورقة زيها زي ورق الكشكول الـ 9 أسطر ده حتى ورق الكشكول هيبقى ليه قيمة عنها على الأقل هنكتب فيه.