بقلم/ أية السيد سرور
اسمه الحقيقى (محمد أنور يحيى القتال)، المعروف بـ"أنور وجدي" ولد "أنور وجدي" يوم ١١ أكتوبر سنة ١٩١١م فى مدينة القاهرة وهو من أصول سورية، وهو ممثل ومنتج مصري ومخرج سينمائي، ومن كبار نجوم السينما المصرية.
طفولة أنور وجدى
عاش "أنور وجدي" طفولة صعبة عانى فيها من الفقر الشديد والحرمان، حيث كانت عائلته من أصول سورية، فكان والده ( يحيى القتال) يعمل بتجارة القماش في حلب، فقرر الانتقال إلى مصر بعد أن تعرض للإفلاس، وعانت الأسرة من الجوع والحرمان، وتدعى والدته ( السيدة مهيبة الركابي) حيث كانت تمثل بالنسبه له نموذج للمرأة الحديدية التى تضحى بكل شيء من أجل أسرتها.
تعليم أنور وجدى
تمكنت الأسرة بأن تضمه إلى مدرسة "الفرير" الفرنسية، وقد إهتم "أنور وجدي" بإتقان اللغة الفرنسية، وهذه المدرسة هى نفس المدرسة التي تعلم فيها كُلاً من ( أسمهان وفريد الأطرش ونجيب الريحاني والمخرج حسن الإمام)، ولم يتمكن "أنور" من استكمال دراسته نظرًا لظروف عائلته المادية، بالإضافة إلى أنه ظل يفكر في السفر إلى أمريكا في هذا الوقت للعمل هناك في السينما، فاتفق مع زميليين له على الهرب، إلا أنه تم كشفهم بعد أن تغلغلوا باخرة كانت في بورسعيد، فطرده والده من المنزل بعدما علم برغبته في أن يصبح فناناً، وبعد طرده بسبب الفن وجد نفسه يتجه لشارع عماد الدين.
رحلة أنور وجدي الفنية
فى بداياته لقب نفسة بـ "أنور وجدي" لكي يصبح قريب من (قاسم وجدي) المسؤل عن الكومبارس بفرقة رمسيس، فقرر "أنور وجدي" باتجاهه على الفور لشارع عماد الدين ليلتقي بالفنانين والنجوم، ولينضم إلى فرقة رمسيس، وأثناء نهوضه على باب المسرح فرأى الممثل ( يوسف بك وهبي)، واستعطفه بأن يقبل له بعمل في المسرح حتى لو اضطر عليه الأمر أن يكنس غرف الفنانين، ولكن لم يُعطي ( يوسف بك وهبي) للأمر اهتمامًا كثيرًا، فعاد "أنور وجدي" إلى (ريجيسير الفنانين قاسم وجدي)، وطلب منه بأن يلتقي (بيوسف وهبى) مرة أخرى، وبالفعل عمل في مسرح رمسيس وكان راتبه حينذاك ٣ جنيهات، وكانت مهمته عامل اكسسوارات والتأكد من الاكسسوار الموجود على المسرح.
رحلة صعود أنور وجدي
شعر ( يوسف وهبي) أن "أنور وجدي" يمتلك ملامح تمكنه وتؤهله للتمثيل، بالإضافة إلى اجتهاده في عمله، حتى قد جاءت إليه الفرصة أثناء ماكان متواجد مع الفرقة بأمريكا اللاتينية، فقدمه (يوسف وهبي) من خلال دور صغير كومبارس صامت ليؤدي شخصية الظابط الروماني بمسرحية " يوليوس قيصر" وقتها أصبح أجره ٤ جنيهات، فقرر الإشتراك في "غرفة صغيرة فوق السطح مع الممثل ( عبد السلام النابلسى) "، فكان "أنور" يكتب مسرحيات لـ (بديعة مصابني)، حيث كان يتفرغ أيضًا لكتابة المسرحيات، والمسرحية بـ ٣ جنيهات..فابتسم له الحظ واستطاع أن يعمل في الإذاعة فيقوم بإخراج المسرحيات التى قام أيضًا بتأليفها.
وفي سنة ١٩٣١م قدم مع (يوسف وهبي) دور "عباس" في مسرحية الدفاع"، وأصبح راتبه ٦ جنيهات بعد أن انتقل لفرقة 'عبد الرحمن رشدي' ثم الفرقة القومية، وكانت بدايته مع الشهرة من خلال دور كبير قدمه في مسرحية "البندقية".
وقدم في ذلك الوقت إلى جانب المسرح أيضًا أدوار سينمائية صغيرة، ورُشح له أيضاً ( يوسف وهبي) في فيلم "أولاد الذوات" سنة ١٩٣٢م، ثم فيلم "الدفاع" سنة ١٩٣٥م، ليبدأ "أنور وجدي" بعدها مشوارًا مميزًا وحافلًا بالأعمال السينمائية المميزة.
زيجات أنور وجدي
تزوج "أنور وجدي" ٤مرات، وحب عمره هى الفنانة (ليلى فوزي).. زيجته الأولى كانت من (قدرية حلمي)، وهي راقصة كانت بتعمل في فرقة (بديعة مصابني)، وفي بداياته الفنية لم يعلم الكثير بتلك الزيجة.
وبعدها تزوج من النجمة (إلهام حسين) فتوقع أن يكون لها مستقبلًا مشرق في الوسط الفني، وحدث ذلك فعلًا وقتها وقامت بتقديم أعمال عديدة حيث قامت بمشاركة الموسيقار ( محمد عبد الوهاب) بفيلم " يوم سعيد" حيث نشبت الخلافات بينهما وبالفعل تم الطلاق بعد ستة أشهر من زواجهما بعدما علم "أنور وجدي" بأن زوجته طلبت من مخرج الفيلم أن لا يقوم بالاستعانه بوجدي لأنة لم يكون وجهًا معروفًا وقتها بالرغم أنه رشحها لهذا الفيلم.
وزيجاته الثالثة كانت من الممثلة ( ليلى مراد)، وكان ذلك بالأخص بعد فيلمه معاها "ليلى بنت الفقراء"، فقد أشهر بعد الفليم زواجهما في سنة ١٩٤٥م، حيث ارتدت "ليلى" فستان زفاف في آخر مشهد في الفيلم، وقام وجدى بدعوة الصحافة للحضور في آخر يوم في تصوير الفيلم، وقبل عقد القرآن بأيام لم يطلب "أنور وجدي" أن تُغير (ليلى مراد) من ديانتها اليهودية، لكنّ الجمهور لم يكن مستعدًا أو مرحبًا لهذة الزيجة، لأن "أنور وجدي" كان يعرف بأنه يحب النساء، وكانت ذلك أولي زيجات (ليلى مراد) كما أنها كانت تسبقه شهرةٍ وفنيًا، واستمرت هذة الذيجة لمدة سبع سنوات حتى نشبت الخلافات بينهما وتردد وقتها بأن السبب الأساسي لانفصالهما تعرفهِ وقتها على إمرأة فرنسية وبالفعل راقبتهما (ليلى مراد) وظلت تنتظره فى الجراج المخصص للعمارة، واصطحبتهما وعزمتهما لتناول العشاء ثم انسحبت تمامًا وانفصلا زوجيًا وفنياً.
أما الزيجة الرابعة فكانت حب عمره وحلم حياة " أنور وجدي"، لأن في بداياته كان يحب الفنانة (ليلى فوزى) لكن والدها وقتها رفضه نظرًا لسمعته وفضّل أن يُزوجها الفنان ( عزيز عثمان) حيث كان يكبرها بـ ٣٠ عامًا، وبعد فيلم "خطف مراتي" سنة ١٩٥٤م عاد مرة أخرى من أجل عرض عليها الزواج ، وبعد أن سار النجم الأهم على ساحة الفن وبالفعل تزوجها في يناير عام ١٩٥٥م واستمر زواجهما أربعة أشهر حتى وفاته في مايو ١٩٥٥م.
أفلام أنور وجدى
أسس "أنور وجدي" الشركة المتحدة للإنتاج والتوزيع السينمائي للأفلام ، وقدم (ليلى مراد) بشكل استعراضى، وهو من قام باكتشاف الطفلة المعجزة (فيروز).
وبين التمثيل والإخراج والإنتاج أيضًا كان مشوار ممتلئ بالأعمال المميزة منها أعمال "العزيمة" وكان يعد من أشهر أفلامه، وقدم مع (نعيمه عاكف) ديو فني بأفلام مثل "ظابط وأربع بنات" و"النمر".
وغير أيضًا من جلد الفنانة (ليلى مراد) وقدما معًا الكثير من الأفلام التي كانت مميزة بسبب وجود الاستعراض ومنها " ليلى بنت الفقراء"، حيث قام بتأليفهِ وإخراجهِ، ويعد أول فيلم من إنتاجه، ومن أفلامهما أيضًا " غزل البنات" سنة ١٩٤٩م، والذي استطاع فيه أن يجتمع للمرة الأولي (الموسيقار محمد عبد الوهاب) و( يوسف وهبي) و(الفنان نجيب الريحاني) الذي توفى قبل نهاية عرض الفيلم، وأيضًا فيلم " ليلى بنت الريف" و"بنت الأكابر" و"حبيب الروح" و"قلبي دليلي."
وكان له هو مكتشف (الطفلة فيروز)، وكسب "أنور وجدي" الرهان حينما عرض على ( محمد عبد الوهاب) بأن يشاركة إنتاجيًا في فيلم يكون بطولة (فيروز)، لكن (عبد الوهاب) لم يتحمس لتلك الفكرة فقام "وجدي" بتحمل الرهان بمفردة وقدمها للجمهور، والأفلام المشهورة معها هي "ياسمين" و"دهب"، ومن خلال ديو "كروان الفن" كما قام مع فيروز بتقديم للمرة الأولي تجربته بالغناء، ولكن لم تتمكن فيروز من الاستمرارية بعد الخلاف الذى نشب بينهما.
سيرتة الذاتية في فيلم وأبكى كمال الشناوي..كان فارق العمر بين (كمال الشناوي) و"أنور وجدى" ١٧ عامًا، حيث قال عنه " أنور وجدي" حينما بدأ التمثيل أنه شخص وسيم ولكنه ليس يجيد التمثيل، فقد رد (الشناوي) وقتها أنه كيف يكون " وجدي" فتى الشاشة الأول ولدية كرش!، حيث أخبره " أنور وجدي" أثناء ما قد كانوا متواجدين سويًا بأحد الحفلات بأن سبب ذلك هو مرضهِ مما أدي ذلك إلي بكاء الشناوي، وبعد ذلك اعتذر (كمال الشناوي) له وأصبحا أصحاب حتى أن (كمال الشناوي) قام بتقديم حياة "أنور وجدى" بعد وفاتهِ في فيلم بعنوان "طريق الدموع".
أمنيات أنور وجدي
ذَكرت مجلة الكواكب سنة ١٩٢٩م في إيثاقٍ لها بأن استدعى الفنان (يوسف وهبي) الممثل المبتدأ "أنور وجدى" الذى يعمل بفرقة رمسيس، ليخبره بأنه قرر له أن يصرف له مبلغ ٣جنيهات مرتبًا شهريًا، ليفرح "أنور" بهذا القرار والذي اعتبره بداية استمراره في الحياة، وقُبل "أنور" على زملائهِ وجلس بينهم فظلوا يهنؤنه بهذا القرار بينما تحدث "أنور" عن أمنياته التي يريد أن تتحقق في حياته.
وكانت من ضمن أمنياته أن يصبح راتبه الشهرى ٥ جنيهات، لكي يستطيع أن يُفصل بدلتين بدلًا من بدلته القديمة التي ألحقتها الخسائر، وأن يسكن بغرفة مستقلة بدل من التي يسكن فيها مع 5 من زملائه وذلك فوق أسطح أحد العمارات في شارع جلال، وأيضًا يريد أن يشتري سرير بحشيتين من القطن.
وفي سنة ١٩٣٥م كان "أنور" هو فتى السينما بمعظم الأفلام ، واعتبر الحظ ضحك له وابتسم ابتسامه كبيرة بعدما التحق "أنور وجدي " بالفرقة القومية براتب ٩جنيهات، ثم جاءت الحرب بعد ذلك، حينما ظل أجر "وجدي" يتمادي في الارتفاع إلي أن وصل لـ 'ألف جنية' بالفيلم الواحد، وأصابت السينما المصرية حالة من الانتعاش الاقتصادي.
وفي سنة ١٩٤٥م يُعتبر بداية التحول في حياة "أنور وجدي" بعدما أنتج فيلم "ليلى بنت الفقراء"، وانتهى بإخراج هذا الفيلم بزواجهِ من الفنانة (ليلى مراد) وبدأ "أنور" يُفكر ويُقدّم بأولى خطواتهِ في تكوين ثروة طائلة له، فقام بشراء فيلا بشارع مظهر بالزمالك، وقام بشراء أرضًا بجوار وزارة الأوقاف حيث أقام عليها عمارة ضخمة، وقام أيضًا بشراء فيلا بحي الروضة ثم حولها إلى معمل لتحميض الأفلام.
وكانت آخر وأهم أمنياتهِ هو أن يصبح ثريًا نتيجة الفقر الشديد والحرمان الذي عاشها "أنور وجدي" قبل دخولهِ عالم الفن، حتى طلب من [الله سبحانه وتعالى] بأن يُعطي له ثروة بقيمة 'نصف مليون جنية' مقابل بأن يُأخذ منه صحته حتى لو أصابته أمراض الُدنيا كلها وبالفعل تحققَ له ما أراد.
إصابة أنور وجدي بسرطان المعدة
عندما كان "وجدي" فقير فقد كان لا يستطيع أن يجيد أكل كافي وبعد أن سار غني منع أيضًا من تناول العديد من الأطعمة بسبب إصابتهِ بسرطان المعدة، ويرجع ذلك إلى أنه عانى في طفولتهِ بالفقر الشديد مما جعله يتمنى أن يصبح ثريًا مقابل بأن يحدث له كل الأمراض التي في الدنيا، وهذا فعلًا ماقد تم تحقيقة ، فجمع ثروة لا تقل عن 'نصف مليون جنية' وهو مبلغ كبير في فترة الخمسينيات.
وأثناء قضاءهِ شهر العسل فى السويد مع حبيبتُه وزوجته (ليلى فوزى) وأنه كان يعتقد بأنه حقق حلم حياته بزواجهِ منها ولكن أصيب بالمرض حتى تم أصابتة بالعمى لـ٣ أيام، وقد قام بقضاء أيامه الأخيرة في غيبوبة ولم يعرف أحدً بهذا الأمر سوى زوجته، حتى أنه قال لزوجته (ليلى فوزى) "خليكي معايا" بعدما استفاق من الغيبوبة قبل وفاته بلحظات، ومات "أنور وجدي " بعد صراع مع المرض المضن، وأنزل الستار على أول فصل من حياة النجم المبدع والمكافح الذي لا يعرف اليأس طريقه، وأنه أثرى السينما المصرية بأعماله الخالدة.
مشاكل حول التِركة
انتهى فصل من حياة "أنور وجدي" الذي ترك خلفه ثروة تقدر بـ 'نصف مليون جنية' ليرتفع عن فصل ثانٍ في حياته ما كان يتوقعها أحد وهي مشاكل حول الثروة، فقّسم الورثة إلى معسكرين:
المُعسكر الأول: يتكون من والدة "وجدي" وشقيقاته وقد طالبنّ بأن يكون الحراسة لواحدة منهن.
والمُعسكر الثانى: هو (ليلى فوزى) التى طالبت بأن الحراسة تكون على الثروة وذلك لأنها تعد صاحبة النصيب الأكبر.
وعند وفاته انتشر إشاعات عديدة حول ثروتة، وصرحت أحد تلك الإشاعات أن "أنور" قام بكتابة بوليصة تأمينية باسم (ليلى مراد) زوجته سابقا ، كما أنه كتب لها مبلغ مالي مقابل نصيبها بالشركة السينمائية، ولكن الشركة كذبت كل هذه الإشاعات.
وفاة أنور وجدى
بعد أن أُصيب بسرطان المعدة والعمى ٣ أيام توفي "أنور وجدي" في ستوكهولم بالسويد، يوم ١٤ مايو سنة ١٩٥٥م عن عمر يناهز الـ ٤٤ عامًا، ومن ثم عاد جثمانه إلى القاهرة التي وصى أن يدُفن بها، وتجمع أفراد العائلة والأصدقاء حول زوجته لمواستها، واستقبله في المطار عدد كبير من نجوم الفن، فيما ظل الصندوق الخشبى لجثمانه في مدخل عمارته، فذهب إلية المُنشد 'محمد الكحلاوي' والذي وجده ملفوفًا بشاش، وأخذه إلى مسجد عمر مكرم وغسّله وصلىَ عليه ولفّه بكفن جديد، لينسدل الستار الأخير في حياته، وأنه أمتعنا بأعماله الخالدة التي حُفظت في وجداننا، ويعتبر كواحد من أهم صانعي السينما المصرية.