كتبت مها عبد العزيز
بعد نوبة بكاء انتابتني شعرت ببركان يفيض باللهب في عيني لكنني عندما تحسستها بيدي لم أجد شيئًا، استشعرت سخونتها فقط لكن بلا نيران ولا آثار حروق، تعجبت كيف لضعفها ورقة أجفانها وضعف رموشها استطاعت الصمود أمام كل ذلك النحيب وكيف كانت تحمل داخلها كل ذلك الألم.!
وكيف يمكن لعين جميلة أن تتورم وتتشوه لهذا الحد وهل يستدعي الأمر تلك النتيجة؟
التقطت أنفاسي بصعوبة بالغة وشفقت عليّ فكم أصبت رئتاي بالزعر في محاولات فاشلة لتنظيم أنفاسي وتعجبت فكيف استطاعتا الصمود كل ذلك الوقت بلا أكسجين..!؟
حين وضعت يدي على صدري لم أجد عليها آثار دماء مثلما كنت أتخيل نزيف قلبي، ففي كل شهقة كانت تخرج مني كنت أتخيل خنجرًا يغرز في قلبي، بل وأشعر به صدقًا.
لم أكن أعلم الألم أين مكانه ولا العلاج ماهيتة ولم أجد عضوًا في جسدي ينزف أو تبدو عليه اللكمات لكنني كنت أتألم وكثيرًا أكثر من أي ألم عضوي شعرت به مسبقًا.
وحين طرحت الأسئلة عليّ ما سبب كل هذا فالأمر لا يستحق، جاوبني صوت طفولي من أعماقي وحدثني عن جرح قديم أعاد اقتحامه ندبة أصيبت بها حديثًا، جُروح كثيرة تثور عليّ الآن فإني لم أنجح في تضميدها سابقًا، لكنني تظاهرت بهذا، كذبت عليّ وأرغمتني أن أصدق وأحيا وهم النسيان..
فمع كل لكمة صغيرة تثور جُروح مخبأة من سنوات، تستيقظ أحلام تتداعى السبات، لأرى نفسي التي كنت أخفيها عني طيلة الحياة، فلم أكن أريد إلا رؤيتي أتجاوز وأنسى وأسامح لكنني كنت في الحقيقة أُؤجل حزن الآن لأحياه مع حزن آخر في وقت لاحق، لم يكن تضميدًا لجرح بل تجاهل يعطي إيحاء بتضميد مزيف..