هذا هو محور سؤال صديقة لي تعيش في حيرة من أمرها لما يحدث من تداعيات للحالة الاقتصادية في مصر.. و تأثرها الشديد - بالأحداث العالمية الصحية و الحربية - مثل غيرها من اقتصاديات الدول الأخرى..
من البديهي أن الطبقة الوسطى في أي مجتمع هي – فضلاً عن دورها في إحداث التوازن و الاستقرار المجتمعي – قاطرة النمو الاقتصادي والاجتماعي بل و الاستراتيجي إذا صح القول.
و يحرص الاقتصاديون حول العالم على إعطاء الأولوية القصوى لازدهار الطبقة الوسطي و يعتبرون هذا الازدهار علامة على نجاح الأداء الاقتصادي و السياسات العامة لأي مجتمع ..
و إذا عدنا إلى حال الطبقة الوسطي في مصر في المائة عام المنصرمة ، فإنها قد مرت بمراحل ثلاث ، المرحلة الأولى و التي وضع بذرتها الاقتصادي المصري العظيم " طلعت باشا حرب " عندما بدأ في تطبيق رؤيته الاقتصادية و التي لم تكن سوى محاولة لتعديل التركيبة الاقتصادية و الاجتماعية الحادة ( و تهذيبها) و التي كانت قائمة على الفكرة الاقطاعية الرجعية الاحتكارية التي كانت قد انتهت تقريباً من العالم ( حيث فئة قليلة تملك كل شيء و أغلبية لا تملك أي شيء) و ما مشاريع طلعت باشا حرب سواء كانت في إنشاء بنك مصر أو مصر للطيران أو العديد من الشركات المنتجة و الصناعات الواعدة أو حتى استديو مصر إلا محاولة مادية و عينية في هذا الاتجاه " اتجاه تهذيب " مجرد تهذيب "التفاوت الطبقي الحاد" الذي خيم على مصر ردحاً طويلاً من الزمان ..
وللأسف الشديد انتهت هذه التجربة عندما تجمعت قوى الاحتكار و السيطرة لتجهض هذا الحلم الوطني الكبير ، فعُزل طلعت حرب عن بنك مصر الذي أسسه و انتهى المطاف بوفاة هذا الوطني الكبير بعد سنوات قليلة .....
في الحلقة القادمة /
لم يكن هناك بد من التغيير بعد فشل التهذيب ..
دنيا عوض عبده