كتبت أية أبو النجا
معروف عن باريس إنها عاصمة الجمال والحب والرومانسية ، بس اللي ما تعرفوش إن لباريس وش تاني ، وهو إن موجود تحت أرضها مقبرة كبيرة تعرف " بسراديب الموتى" تقدر تقول كده مدينة تانية موازية ، بس كل سكانها أموات.
" كاتاكومب باريس "
وده الاسم اللي أتعرفت بيه المنطقة ، وموجود فيها 6 مليون جثة .. الحكاية بدأت في القرن الـ 18 لما كبير الفرنكيين الملك كلوفيس الأول عمل من باريس عاصمة لمملكته ، وبدأ في توسعات كبيرة وبناء البيوت ، وده خلى عملية الحفر في المحاجر بقيت غير ممكنة ، فاتجهوا للحفر تحت الأرض عشان يقدروا يوفروا الحجارة ويتوسعوا أكتر في البناء.
وكل ما زاد التوسع كل ما كان الحفر بيزيد لحد ما بقت من حفرة صغيرة لحفره كبيرة بطول المدينة كلها ، (ومن خطر قليل لخطر كبير ) لأن كتر الحفر في الأنفاق خلى الأرض ضعيفة جداً ، فكانت النتيجة إن بعض الطرق وقعت جوا الأنفاق دي ؛ فتم إصدار أمر ملكي بردم بعض الأنفاق ووقف الحفر.
وبعد كده لما حصلت الثورة الفرنسية ومات فيها ما يقرب من 13 لـ 60 ألف شخص والجثث كانت أكتر من التراب في الشوارع .. فأخدوا قرار ببناء مقبرة جماعية عشان يدفنوا فيها كل الموتى ، والمقبرة دي عرفت باسم مقبرة "القديسين الأبرياء. "
بس ده مكنش القرار الصح وعرفوا ده بعدها بفترة ، لما الجثث بدأت تتراكم بسبب طرق الدفن العشوائية ، والتراكم جاب تراكم لحد ما وصل ارتفاع المقبرة لـ 10 متر فوق الأرض ، ومش بس كده ده كمان الشوارع أتملت بريحة تعفن الجثث وبدأت الأمراض والأوبئة تنتشر بسرعة البرق.
وبسبب عدم السيطرة على الجثث اقترح ظابط الشرطة أليكساندرا لينور نقلها للأنفاق اللي مبنية تحت أرض باريس .. وفعلًا الاقتراح إتنفذ وبدأوا في نقل الجثث بشكل عشوائي ،وتمت عملية النقل في سنتين ، وبعد كده اشتغلوا على فكره (التنظيم والترتيب للعضم والجماجم ) بمعنى إن الجماجم لوحدها والعضم لوحده ، والقصير قدام والطويل ورا عشان الشكل.
وبقت باريس ما بين عالمين ..عالم فوق الأرض مليان بالنور والحب والموضة والفن والجمال ، وعالم تحت الأرض مافهوش غير ضلمة وأموات وعضم وجماجم ورعب في رعب ، واللي بيفصل العالمين عن بعض باب صغير مكتوب عليه:
" قف … أنت أمام إمبراطورية الموت "
مش هيجي في بالك دلوقتي غير سؤال واحد...هي دي باريس ملكة جمال الدول طلعت عايمة على أموات؟
عملية تحول السراديب
بعد فكرة التنظيم أتحولت المقبرة من سراديب الموت لمتحف الموت وتم افتتاحه عام 1908 للزوار ، وإتقال إن بعد الافتتاح دخل سراديب الموتى شخصيات مهمة ومشهوره جداً زي نابليون التالت والإمبراطور النمساوي فرانسيس الأول..والسياح من كل بلاد العالم كانت بتيجي مخصوص تزور المكان ، لأنه يعتبر أكبر متحف عظام بشرية في العالم.
وإتقال إن أتعمل داخل السراديب مجموعة من الفعاليات والمعارض اللي بتتكلم عن موضوعات " الموت والحياة والتاريخ " ، وكان أخر المعارض دي معرض ( تاريخ الهياكل العظمية ) ، اللي بدأت فعالياته من يناير 2017 ، وفضلت لحد نهاية ديسمبر 2019.
وزي ما إحنا عارفين إن لكل مكان أصول وقواعد ، فمن قواعد سراديب الموتى هو ( الصمت ) يعني من بداية دخولك من الباب الفاصل مش هينفع تتكلم ولا تنطق بحرف واحد " زيك زي الهيكل اللي جنبك " لحد ما تخلص جولتك وتخرج بالسلامة.
ده غير كمان إن مش معنى دخولك السراديب إن مسموح دخول المكان كله ، لأن في أماكن محظورة .. وبالرغم من كده في ناس ملتزمتش بالكلام بسبب روح المغامرة والفضول اللي خدهم إنهم اختفوا لما دخلوا المنطقة المحظورة ومحدش يعرف عنهم أي حاجة غير إنهم راحوا ومرجعوش.
وكمان إتقال إن في أصوات صريخ بتستغيث بتجي من ناحية الأنفاق دي ؛ ده غير كلام زوار المكان إن وهما ماشين جوا بيحسوا بحد واقف وراهم.
وإتقال إن ده ممكن يكون بسبب إن المكان قبل ما يكون مقبرة كان حصل فيه حروب كتير خلال الحرب العالمية التانيه، وكانت النتيجة لكل ده إن السراديب بقت من ضمن قائمة أشهر عشر أماكن مسكونة في العالم.