الإسلام مهرًا

كتبت ندا محمود

هى امرأة سجل التاريخ قوتها و حكمتها و صلابة رأيها .. فكانت نِعمَ الزوجة الصالحة و الأم الحنونة و المربية الحكيمة ، فقد وفقها الله في تربية أبنائها فجعلت منهم رجالاً ينصرون الإسلام و يرفعون راية الدين فهى الصحابية الجليلة رميصاء بنت ملحان الأنصارية و تكنى " بأم سليم " ، كانت نِعمَ الأمة .. و كيف لا و قد زف لها رسول الله (ص) بشرى أنها إحدى سيدات أهل الجنة.

ولكن ماذا يا ُتري فعلت لتنال هذا الشرف العظيم ؟!

حين تطرق إلي مسامعها نبأ الإسلام ، كانت أول المبادرين باعتناقه و قد دافعت عنه رغم رفض زوجها ابن النضر ، كما عملت على تلقين ولدها أنس الشهادة منذ نعومة أظافره ..

لم تكتفِ بذلك فقط بل أصرت على الإسلام كما تركها زوجها و غادر المدينة ظناً منه أنها ستخضع له و تترك الإسلام .. و لكن كان لقلبها الصادق رأى آخر ، فقد عملت علي رعاية ابنيها أنس و البراء حتى جاء رسول الله (ص) وأنارت المدينة بقدومه ، فلم تجد أم سليم هدية تقدمها للرسول (ص) أفضل من أن تهب له ابنها مالك ليعمل معه ويخدمه ويتعلم منه أمور دينه.

زواجها :

وقد تقدم لخطبتها أبو طلحة و كان سيد قومه لا يظن أن لامرأة تقف أمام جاهه و قوته و سلطته و ترفض الزواج منه .. ولكن هيهات هيهات فبطلتنا ليست كأي النساء بل هي زينة النساء و وردتهم  ، فكانت الإجابة عليه : يا أبا طلحة مثلك لا يرد و لكن أنت مشرك و أنا مسلمة و لا يمكنني الزواج منك ، ليجيبها : أين أنت من الصفراء و الحمراء؟ ، و يقصد بذلك الذهب و الفضة كمهر لها ، فقالت له : إن تسلم فهذا مهري و أخذت تحاوره فيمن يعبد صنم لا ينفع و لا يتحرك !!

إسلام أبو طلحة :

فأخذ يفكر الرجل في طلبها ، فكيف لها أن تطلب مهرها الإسلام و ترفض المال و السلطان ،_ و هو الذي لا يعلم أن الإسلام هو الكنز _ فعاد لها و قد لامس كلامها شيء داخله فقال لها :  و ماذا لي أن أفعل.؟

أخبرته بأن يذهب إلى رسول الله (ص) ، فذهب له و استقبله رسولنا الكريم و أخبر أصحابه أنهم قد جاءهم طلحة و دلائل إسلامه لا تخفى على عيني أحد ، فأسلم طلحة و حدث الرسول عن المرأة الحكيمة العفيفة ، فزوجهما الرسول .. و كان مهرها الإسلام كما تمنت ..

إنها أم سليم التي جعلها الله سبباً لهداية أبا طلحة كما فكرت بحكمة ليثمر قلب ولدها بالإسلام فوهبته لنور الأمة (ص) ليقتدي به ويتعلم منه  وإنه لشرف عظيم! والله..رضي الله عنها وأرضها.