كتبت: إيمان توفيق
من صغرنا وإحنا بنسمع الجملة التقليدية اللي بتقول ( القراءة غذاء العقل و الروح )، محدش فكر يقولنا معناها الحقيقي، محدش قالنا فوائد القراءة بالطريقة اللي تخلينا نحبها، كل اللي اتقال عن فوائد القراءة كان مجرد نقاط بنحفظها عشان ندخل نمتحن فيها كما هو الحال في أغلب المواد الدراسية.
من أول دخولنا للمدرسة لحد ما نتخرج بنحشي دماغنا معلومات لمجرد الحفظ، محدش فكر يخلينا نستفيد فعلًا من المعلومات دي ونطبقها في حياتنا تعالوا نروح في رحلة نتعمق فيها أكتر عن القراءة بمفاهيم تانية غير المفاهيم التقليدية اللي اتعودنا عليها ومابقيناش نقتنع بيها أصلًا.
أحيانًا بنسمع حد بيتكلم عن كتاب و بيقول جملة ( الكتاب ده هيغير حياتك) و بنحس إنها مبالغه كبيرة جدًا، وإنها مجرد كلمة تحفيزية عشان نتشجع نقرأ الكتاب اللي الشخص بيتكلم عنه وغالبًا ممكن نطنش، ما هو بالمنطق إزاي نحط جملة تغيير حياه بالكامل في كفة مع مجرد قراءة كتاب في الكفة التانية.
الحقيقة إن الجملة دي مش مبالغة ولا حاجة تعالى نشوف إزاي ..
وأنت بتقرأ بتلاقي فكرة لو طبقتها نظرتك للأمور بتتغير، وده هيؤدي لتغير شعورك فهيتغير سلوكك فعلاقاتك بالناس هتتحسن، و تنجح أكتر مثلًا في شغلك أو تحقق أهدافك، ودي كلها شوية تغييرات بسيطة هتكتشف في النهاية إنها أدت فعلًا إلى إن حياتك تتغير بالكامل، إيه بقا كل الكلام ده، و إيه علاقة الموقف أصلًا بالمشاعر والحاجات دي.؟
تعالى نفهم أكتر من خلال تمرين بسيط عشان أثبتلك صحة الكلام ده.
- هات ورقة وقلم
- قسم الورقة لأربع خانات
- اكتب في الخانة الأولى موقف صعب حصلك.
- في الخانة التانية اكتب إيه التفكير اللي فكرته ساعتها لما الموقف ده حصل، هل مثلًا اعتبرت وأنت في الموقف إن الشخص مش مقدرك أو سببلك إهانه أو جرح كرامتك.
- وفي الخانة التالتة اكتب شعورك اللي حسيت بيه وقتها غضب، حزن، خيبة أمل، احباط، وهكذا..
- في الخانة الرابعة اكتب سلوكك ساعتها كان عامل إزاي، اتصرفت إزاي.
لو ركزت في خانة التفكير و إدراكك للموقف هتلاقيه هو اللي سببلك الشعور اللي كانت نتيجته إنك اتصرفت تصرف معين، والتصرف ده اتحول لسلوك وبعد كده ومع تكرار التعرض لمواقف مشابهه والتفكير فيها بنفس الطريقة فعقلك اللاواعي اتبرمج على ده وبقى بيخليك تاخد رد الفعل الدفاعي اللي متعود عليه، إن لما يحصل الموقف ده تاني أو حاجة مشابهه ليه هنتصرف كده.
هناخد موقف معين ونتكلم عنه من وجهة نظر شخصين كل واحد فكر في الموقف ده بطريقة مختلفة عن التاني.. الشخصين اتحطوا في موقف إن فيه واحد شتمهم علي سبيل المثال، أو انتقدهم و قالهم كلام سلبي..
- الشخص الأول هياخد الموقف ده علي إنه أهان كرامته، جرح مشاعره.
- والشخص التاني هيفكر في نفس الموقف بطريقة تانية، هيفكر إن اللي شتمه ده شخص غير سوي بيتغذى على التقليل من الناس التانية عشان يحس إنه أعلى منهم.
تفتكر الشخصين هيتعاملوا مع نفس الموقف بنفس الطريقة؟
الإجابة: بالتأكيد لا
الشخص الأول اللي أخد الموقف بشكل شخصي وشافه على إنه جرح لكرامته، وإهانه لمشاعره ممكن يحس بالغضب والضيق الشديد والرغبة في الانتقام، وقد يكون سلوكه الناتج عن الغضب ده عنيف، زي إنه يزعق أو يمد إيده على اللي انتقده، أو حتى يكبت الغضب ده جواه ويتعب نفسيًا.
أما الشخص التاني اللي فكر إن المشكلة مش فيه ولكن في اللي شتمه، هو أه هيتضايق شوية لأنه مكانش متوقع كده من الشخص اللي انتقده، بس طريقة تفكيره مش هتوصله لنفس مستوى الغضب اللي التاني وصلها وبالتالي هتكون مشاعره هادية هيتعامل بكل هدوء وهيرد رد منطقي بكل ثبات فيطلع من الموقف واخد حقه، ومش كابت مشاعره ولا خسران حاجة ولا ندمان على رد فعله.
الموقف واحد بس السلوكين مختلفين تمامًا وهنا نتأكد إن التفكير هو اللي بيجيب المشاعر اللي على أساسها بيتم السلوك، فمن هنا نقدر نتعلم إزاي لما نغير طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأمور، هتتغير مشاعرنا، وهيتغير سلوكنا، وهيكون لينا إدارة أكتر لحياتنا من غير ما عواطفنا تمشينا.
القراءة بتغير حياتك
نرجع بقا لموضوعنا وهو القراءة، مقال زي اللي بتقرأه دلوقتي ده ممكن أكون قولت فيه كلمة فرقت معاك، أو تطبق التمرين اللي قولته فتتغير للأحسن، ده كله مكانش هيحصل لو كنت كسلت تقرأ المقال فكلمة الكتاب ده هيغير حياتك كلمة حقيقية جدًا وطبعا مش شرط كتاب ممكن مقال أو بوست على الفيس.
وهنا أقدر أقول إن القراءة عمومًا كلها ممكن تغير حياتك، القراءة بتفتحلك مجال إنك تشوف كتب كتير ومقالات كتير وتلاقي الكتاب اللي فيه الفكرة اللي هتحس إنها بتنور لمبة في عقلك، بتحس إن الفكرة دي اتكتبت مخصوص ليك أنت وتغير ساعتها كل حاجة.
عشان القراءة ماتكونش مملة:
عشان تكون متحمس للقراءة لازم تكون بتحب المجال اللي هتقرأ عنه، ويكون عندك شغف إنك تعرف وتلم معلومات عنه، ده هيساعدك تكون مركز وأنت بتقرأ من غير ما يكون كل همك إنك تمشي بعينك على الكلام عشان تخلص الكتاب في أسرع وقت وتقول أنا خلصت كتاب.
صحيح في كتب ماتتقرأش، وبمجرد بدايتها بتحسسك بملل شديد، ومابتقدرش تكملها أو بتحس إن فيها مصطلحات كبيرة وصعبة الفهم، دي طبعًا مش من الأفضل تقرأها في بداية ممارسة القراءة، و لكن ابدأ بكتب خفيفة في المجال اللي بتحبه، وعلى النت فيه في كل المجالات مئات الكتب المجانية اللي تقدر تبدأ بيها من غير ماتخاف إنك تدفع فلوس في كتاب ويطلع ممل.
وتندم إنك اشتريته وبعد كده لما تتطور عندك القراءة وتسمع عن كتاب معين وتتأكد إنه حلو فعلا اشتريه وضيفه لمكتبتك اللي هتكون فخور بيها بعدين لما تتملى كتب هتكون مفيدة ليك لما تحب ترجعلها وتكون مفيدة لأهلك ولشريك حياتك وأولادك في المستقبل إن شاء الله، بس أهم حاجة إن المكتبة دي تكون في عقلك قبل ماتكون في بيتك.
ليه بننسى اللي قرأناه :
طبيعي جدًا إننا ننسى اللي بنقرأه، وأحسن طريقة عشان ماننساش إن مجرد ماتيجي فكرة حلوة تنور لمبة في دماغك تكتبها، وحاول بقدر الإمكان تطبق اللي بتقرأه في حياتك الواقعية ويسلام لو ترجع للكتاب، وتقرأه مرة تانية لو حلو وعجبك كده هيثبت في عقلك أكتر وكل مرة هتستوعب حاجة ما استوعبتهاش المرة اللي قبلها وبكده هتكون فعلا استوعبت الفايدة الحقيقية للقراءة.