كتبت: إيمان توفيق
الغلط شئ طبيعي:
طبيعة البشر بتفرض علينا إننا نغلط، و إننا أحيانا هنتصرف غلط، هنفكر غلط، هنتكلم غلط، مفيش حد كامل، ومفيش حد بيعمل كل حاجة صح في الدنيا، بس المشكلة بقا لما بنغلط الناس بيقابلوا غلطنا ده بإيه، للأسف غالبًا بنلاقي لوم من الناس، بنلاقي كلمة ليه، أنت ليه عملت كدا، قولت كدا، اتصرفت كدا، أنت ليه ماعملتش كذا، أنت المفروض كنت تعمل كذا، واللوم ده مع الوقت بيخليك تحس بالضغط، و إنك دايمًا متراقب وتحت الميكرسكوب، لدرجة إنك بتخاف تغلط، و من كتر ما أنت بتخاف تغلط بتلاقي نفسك بتغلط بردو، ويمكن كمان بتغلط بسبب حرصك الزيادة ده أكتر ما بتغلط وأنت بتتعامل عادي ومش خايف من الغلط.
الطبيعي إننا لما نغلط، نتعلم من أخطائنا من غير ما نتلام، ومجرد تغيير بسيط في صياغة الكلام هيتحول تمامًا من اللوم التقيل لكلام مقبول، فمثلًا بدل ما يتقال ليه أنت ماعملتش كذا، يتقال لو سمحت إعمل كذا المرة الجاية عشان أنا بحب ده، بدل ليه اتصرفت كدا، يتقال لو سمحت ماتتصرفش كدا المرة الجاية عشان ده بيضايقني.
لوم بلا هدف:
الأبشع بقا لما تكون ما بتعملش حاجة غلط، بس بتتلام بردو، بتتلام وبيتم انتقادك على طبعك، على شخصيتك، على أسلوب حياتك، يعني هتلاقي نفسك بتتلام لو أنت طبعك إنك مابتعرفش تكلم الناس مثلًا تسأل عليهم، فيه مشاغل في حياتك، نفسيتك مش مظبوطه، أيًا كان، وهتلاقي ساعتها سيل من اللوم بإنك ليه مابتسألش، ليه مابتتكلمش، المفروض تتكلم، أنت كده غلط وكل الكلام ده.
كمان لو أنت مثلًا شايف إنك عايز بدل ماتشتغل أي شغلانه والسلام، إنك تتعلم و تاخد كورسات في حاجة بتحبها عشان تشتغل فيها بعدين والناس ماتكونش عارفة تفكيرك ده لأنك مش حابب تقوله، هتلاقي بردو لوم على إنك ليه ما اشتغلتش و كلام من نوعية اشتغل عشان تتعلم تتعامل مع الناس، و كأنك يعني مابتعرفش تتعامل مع الناس والشغل خلاص هو اللي هيخليك عندك مهارات التواصل كلها، اللوم سلوك بشع بيخلي الإنسان اللي بيلوم تقيل واللي بيتلام متضايق ومضغوط، وبعض الناس مش مدركة إن ممكن تكون هي شخصيًا السبب في إن شخص يبعد عنهم نتيجة لكمية اللوم اللي بيوجهوه ليه.
جلد الذات:
نوع تاني من أنواع اللوم الضار جدًا هو جلد الذات، إنك تلوم نفسك على كل كبيرة وصغيرة، تلوم نفسك إنك عملت كذا، قولت كذا، تلوم نفسك على تصرفاتك اللي عملتها في الماضي بخبرتك القليلة وقتها، على تنازلاتك في فترة ما ماكنتش تعرف فيها إن المفروض ماتعملش كده، جلد الذات بيسبب قلة ثقة بالنفس هتحس إنك مش كفء ومش كفاية وإنك مش فاهم حاجة ودايمًا بتغلط وبتبوظ الدنيا، و مش بتعرف تتصرف.
طيب تفتكر ليه احنا دايمًا بنرجع نقع في نفس الغلطة تاني، ونلوم نفسنا كل مرة على نفس الحاجة، زي مثلًا نرجع نثق في حد مش أهل للثقة تاني، ليه بنرجع نفشل في علاقاتنا العاطفية تاني عارفين ليه.؟
عشان احنا أصلًا مش بنهتم نحل المشكلة، احنا بنفضل مشغولين بلوم نفسنا وجلدها بجمل زي أنا غبي، أنا غلطت، أنا إزاى كنت عامل كده، إزاي وثقت فيهم كده، وده بيخلي تقديرنا لذاتنا ينخفض ونرجع نكرر الغلط لأننا ماتعلمناش منه فالصح إننا نستبدل اللوم والجمل السلبية دي كلها، بجمل زي:
تمام ده حصل، ده كان قدر أعمل إيه دلوقتي؟ إيه اللي المفروض اتعلمه من اللي حصل؟
الأسئلة اللي من النوع ده مهمة جدًا؛ لأنها بتخلينا نقف قدام الموقف أو التجربة و نفكر فيه بوعي، و نتقبل طبيعتنا كبشر و بنغلط عادي، وبعدين بنتعلم من أخطائنا فمانكررهاش تاني، و ده بيخلينا أكثر نضجًا وحكمة في مواجهة نفس المواقف دي بعد كده، ونعرف نتعامل مع غيرها كمان من المواقف اللي بتحصل بشكل صحيح.
بطل تجلد نفسك وتقبل إنك هتفضل تغلط وتتعلم، قدر نفسك وحبها وخليك حنين عليها، كلمها بكلام إيجابي وفكرها دايما بمميزاتها، افتكر إنك مش بس الغلطة اللي عملتها دي ولا الموقف أو التصرف الوحش ده، أنت إنسان ليك جوانب كتيرة، أنت ليك إنجازات كتيرة، فماتعممش وتقول أنا اصلًا غبي أو أنا وحش؛ لأنك مش كده، ياما اتصرفت صح وكان ليك أثر حلو في حياة غيرك حتى لو بسيط وحتى لو مش فاكره، كمان حط حدود للناس اللي بتلومك وفهمهم طبيعتك وفهمهم إن عادي تغلط طالما مش بتكابر وبتعترف بالغلط وبتتعلم منه وإنهم هم كمان مش معصومين وبيغلطوا، هون على نفسك.