لم يعطِ الاحتكاريون و أعوانهم أي فرصة لوصول فكرة التهذيب للأوضاع الاقتصادية و السياسية في مصر التي بدأها على عيني الأمة المصرية طلعت باشا حرب ، فتجمع هؤلاء الاحتكاريون حول أعماله و مشاريعه لخنقها و قد نجحوا للأسف الشديد في مسعاهم .. و هذا هو ديدن الاحتكاريون و أصحاب المصالح منذ فجر التاريخ ..
فالتاريخ يروي لنا أن الاحتكار و الظلم و الاستئثار بالحياة الاقتصادية في مصر القديمة و خصوصاً في عهد " بيبي الثاني " أضعف حكام الأسرة السادسة ( ٢٥٠٠) ق.م و الذي استشرى في عهده الظلم و الفساد و الاحتكار و الاقطاعيات التي وزعها على حاشيته من السياسيين و رجال الدين و حكام الأقاليم، الذين استأثروا بكل شيء في مواجهة غالبية السكان و الذين لم يكن يملكون أي شيء ، فكان من الضروري و الطبيعي بل المنطقي أن تثور هذه الأغلبية المطحونة و التي اكتسحت كل شيء في طريقها و دمرت كل أقانيم الإقطاع في كل الاتجاهات.
و هكذا هى ردة فعل الشعوب على الظلم و الاحتكار الذي يولد الاحتقار للسلطة و يكسر هيبتها ، فتثور الشعوب بلا حدود..
و تلك هي عبرة التاريخ التي لم ينتبه إليها الاحتكاريون و أعوانهم و السلطات الفاسدة التي كانت تقويهم ، فغم عليهم فلم يتبينوا أن محاولة التهذيب التي أرادها " طلعت حرب " إنما كانت "ناقوس خطر" ضربه رجل مخلص لتجنيب وطنه دمار يلوح في الأفق..
نعم من المنطقي – و الأوضاع كذلك – أن ينفجر الغضب الشعبي و الذي جسدته ثورة ٢٣ يوليو التي قادها مجموعة من ضباط الجيش المصري الوطني و أيدها الشعب بكل قوة و عنفوان ..
و من العجيب أن على رأس أهداف هذه الثورة كانت القضاء على الإقطاع و أعوانه ..
في الحلقة القادمة /
هل نجحت ثورة يوليو في تأسيس و بناء الطبقة الوسطى ؟
دنيا عوض عبده
ماشاء الله رائعه
ردحذف