كتبت أيه أبو النجا
أخطر سفاح إحتل ساحة الإعلام في مصر لمدة خمس سنين، كان أكتر شخص ملامحه وسيمة وجذاب ومايبانش عليه الإجرام.
في عام 1911 بمحافظة أسيوط في الصعيد اتولد طفل في أسره مستواها الاجتماعي فوق المتوسط واتسمى سعد ، وكان هو أصغر طفل في الأسرة "يعني دلوعة العيلة."
وكان عندهم مصنع للغزل والنسيج وأخوه الكبير كان بيشتغل فيه ، ولما سعد كبر راح المصنع مع أخوه بس كان مش ملتزم بأي مواعيد ولا شغل .. ودي أخرة الدلع.
و بدايته في عالم الإجرام لما اتعرف على ست كبيرة أرملة ثرية ، وحبته جدًا ووقعت في غرامه "و دي مراهقة متأخرة" ؛ المهم حولت حياته 360 درجة ، لحياة كلها ترفيه من غير أي شغل وأعطته كل اللي بتملكه ، ومش بس كده دي ثقتها فيه بقت كبيره لدرجه إنها ملقتش حد غيره تأمنه على المكان اللي فيه كل فلوسها وشقى عمرها ؛ لحد هنا وحلو جداً عشان اللي جاي هو الوحش.
ودة لأن سعد بمجرد ما الست أعطته ضهرها ضربها عدة طعنات لحد ما فارقت الحياة ، وبعدها سرق الفلوس وهرب على إسكندرية.
طب سعد عمل كده ليه ؟؟
ده الست مأخرتش عنه حاجه دي كانت شايلاه من فوق الأرض دي أخرتها يشيلها من على وش الدنيا ؛ والغريب مش في إنه قتلها لأ عادي ، لأن دة المتوقع بسبب دلعة وتربيته غير السوية بقي عنده إحساس بإن ده من حقي من غير سبب وبدون أي احساس بالذنب ، لأن بسبب تربيته برضو بقي شخص نرجسي زيادة عن اللزوم.
الغريب هنا في إن سعد لما راح إسكندرية اشتغل باسمه عادي من غير مطاردة من الحكومة ولا حتى أي أسئلة عن الست اللي اتقتلت دي .. وده اللي المفروض كان يحصل لأن كل البلد كانت عارفة العلاقة اللي بينها وبين سعد "زي ما يكونوا ما صدقوا وناقص يكرموه على اللي عمله."
و سعد لما وصل إسكندرية قعد في حي كرموز وأجر مخزن للقطن وغزل النسيج " حلو هيشتغل وربنا هداه"..ولكن بعد فترة حول المكان مسرح لكل جرايمه ، ومقبره لجثث ضحاياه البنات اللي كانوا بيقعوا في فخ غرامه عشان وسيم يعني.
وفي سنة 1949 أتفاجأ البوليس في الإسكندرية بمعدل كبير جدًا من بلاغات اختفاء البنات في منطقة كرموز ، لدرجة إن كل أربع أو خمس أيام حالة اختفاء ، ومفيش أي أثر ليهم .. والكلام ده عمل قلق جامد في المنطقة وخلى الرعب يسيطر على كل ركن في حي كرموز.
لحد ما جه بلاغ لجثة واحدة ست عجوزة في بيتها !!
و تم اكتشاف الجثة لما أولاد " قطقوطة " جاره الست دي كانوا رايحين ليها ولقوها غرقانه في دمها ، ولقوا الست " بمبه " مقتولة فتم نقل قطقوطة للمستشفى ، ولما فاقت قالتلهم إن أخو "فاطمة "جارتنا هو اللي عمل كده.
واللي حصل إن كنت قاعده وسمعت صريخ الست بمبه ولما خرجت أشوف في إيه لاقيته خارج من عندها ، ولما سألته عنها قالي: "اطمني دي بتصلي جوه إتفضلي ادخلي " ،ولما دخلت ضربني بالساطور ووقعت من طولي.
فطلع قرار بالقبض على أخو فاطمة ولما تم عرضه على قطقوطة قالت : مش هو ده ؟ ، ولما سألها ظابط البوليس عن وصف الشاب اللي شافته ، فمن خلال الوصف أتضح إن ده "سعد إسكندر عبد المسيح " تاجر الغزل.
واتقال إنه كان بيحب واحدة اسمها فاطمة عشان فنانة في الطبخ وبتعمل أكل حلو جدًا وعشان كلام الجيران والناس إن كل شوية رايح جاي عندها البيت فقالت إنه أخوها.
و الحكاية بتبدأ من عند لما سعد عرف من فاطمة إن البيت اللي جمبها في ست عجوزة في عمرها التسعين اسمها بمبة وعندها فلوس كتير ؛ ففي الليلة اللي بعدها ما راحش عند فاطمة وراح عند بمبة.
وخبط على الباب ولما فتحت حط إيده على بوقها ، ودخلها جوه وضربها بالساطور على راسها ، ومكنش في باله إن الأمور ممكن تخرج عن السيطرة والست تصوت لأن كان في اعتقاده إنها ست كبيره هتصرخ ليه يعني ما هي كده كده ميته.؟
ولما صوتت ضربها ضربه كمان على راسها فلقها نصين ، وبعدين أخد كل الفلوس من البيت وخرج ، وهو خارج لقى قدامه جارتها قطقوطة اللي كانت ساكنة في الدور الأرضي ولما سألته في إيه ؟ ؛ طبعًا أنتوا عارفين إيه اللي حصلها عشان سألته سؤال زي ده.
بس اللي حصل إن ضربته ماقتلتش قطقوطة واتكتبلها عمر جديد عشان تشهد عليه وتكشفه والبوليس قبض على سعد إسكندر وأتحول للنيابة.
طبعًا أنت متخيل إنه هيتعدم لأنه سفاح كرموز؟
الإجابة لأ " أيوه بالضبط زي ما سمعت كدة لأ" ، لأن سعد إسكندر جاب محامي حريف بمعنى الكلمة ، وخرجه من القضية ولا كأنه قتل نملة ، وماخدش ساعتين على بعض سجن.
وده لأن المحامي أشتغل على تناقض كلام قطقوطة اللي أتغير ، و قال إنها مضروبة على راسها وده أكيد أثر عليها ؛ باختصار يعني عاوز يقول إن عقلها فوت ،والموضوع اتقفل على كده.
بس كان في أسئلة ملهاش أي إجابه ولا تفسير
ولا أي حاجة من دي حصلت وكل اللي حصل إن سعد إسكندر أخد إفراج وخرج واختفى من إسكندرية كلها لمدة سنتين ، لدرجة إن الناس نسيته أساسًا وماتعرفش هو كان بيعمل إيه في السنتين دول.
وظهر سعد إسكندر تاني ورجع لسكندريه ، ما هي إسكندرية كده ساحره اللي يروحها مره بيتسحر ؛ والكلام ده كان في أكتوبر 1951.
ولما رجع غير نشاطه مش في إنه أجر شونه على ترعة المحمودية لتخزين الغلال ، لأ هو غير نشاطه في إنه بدل ما كان بيقتل الستات بقي بيقتل الرجالة.
يعني في السنتين دول طور من نفسه جدًا وماعتش بيستهدف الستات بحجة الحب عشان يسرقهم ، وبقي بيستدرج الرجالة بحجه إن يروحوا معاه يشوفوا خيوط النسيج في الشونة.." الله عليك يا عم إسكندر."
و كان بيقتلهم ويدفنهم في الشونة ، وحاجة كده في منتهى " الريا وسكينه يعني " ؛ بس الموضوع كان فيه عشوائية واستهتار بطريقه تضايق جداً ، لأن في قتيل من ضحاياه بعد ما قتلة طلع من جيبه 600 جنيه ، ومادورش في هدومه.. والبوليس بعد اكتشاف جثة القتيل لقى في هدومه 150 جنيه.
ومع الوقت أصبح استدراج التجار وقتلهم ودفنهم في الشونة مابقاش حاجة صعبة ، ده بقى أسهل من السهولة لأنه بقي روتين عنده يعني لو قاعد وزهقان شوية ممكن يقوم يقتله واحد.
نوفمبر الأسود على سفاح كرموز
و ده لأن سعد أتكشف وأتعرف إنه السفاح ، والكلام ده كان في سنة 1951 وكان بسبب إنه وهو مع آخر ضحية " تاجر الحبوب " .. اللي قدر إنه يفلت منه بعد ما ضربه وجرى خرج بره الشونة وسعد جري وراه وقتله ، بس كان شافه واحد من العمال وجري على البوليس وبلغهم باللي شافه.
والبوليس أتحرك بسرعة للشونة ولقوا الراجل مقتول وسعد هرب ، والظباط لاحظوا ريحة غريبة جدًا فحفروا الأرض طلعت جثث كتير ، منهم جثة متعفنة وكمان عضم بشري ؛ مش بس كده ده كمان طلع إذن بحفر أرض المخزن اللي كان مأجره وقت حادثه الست بمبة.
وفعلاً لقوا عضم في الأرض ، وبكده قفلوا محاضر اختفاء البنات اللي كانت من سنتين ، و سعد عرف إن البوليس راح الشونة ولقى الجثث والدنيا مقلوبه عليه فقرر إنه يرجع بلده أسيوط تاني.
الارتباك وقع سفاح كرموز
لأن وهو في الطريق وخلاص داخل على أسيوط كان في كمين شرطه بقيادة الملازم أول " فخري عبد الملك" اللي وهو بيفتش الأتوبيس اللي فيه سعد حس إنه شافه قبل كده بس مش فاكر فين.
وراح عنده وقاله: اسمك إيه ؟ فقاله: إسمي جورج عبد السلام ، فالظابط بصلة كده وقاله بتقول اسمك إيه ؟ ؛ فارتبك سعد وقاله : اسمي جورج عبد الملك.
وهنا بقي افتكر الظابط إن هو شافه في النشرة اللي جات بأنه مطلوب للعدالة ، فحط إيده على كتفه وقاله : أنت سعد إسكندر سفاح كرموز ، واتقبض عليه واترحل على إسكندرية.
وفي التحقيقات كان واقف رقيق ومهذب وبيتكلم بهدوء " تقول ملاك بريء " ؛ وفضل ينكر كل التهم اللي توجهت إليه، وقال إن ليه شريك اسمه " حسبو عبد النبي " ، ويمكن هو اللي عمل كده وقتل كل الجثث اللي كانت في المخازن.
و طلب من النيابة إن يفرجوا عنه لمدة شهر وهو هيساعدهم في القبض عليه ، و لكن النيابة رفضت والشرطة عملت تحريات على الشخص اللي قال عليه وملقوش حد بالاسم ده أصلًا.
وفضل سعد في السجن فترة لحد ما يكملوا القضية وخلال الفترة دي كان سعد محافظ على أناقته وشياكته ، لدرجة إنه طلب من مأمور السجن بنطلون جديد ، وكمان كان مهتم بشعره " تقولش رايح رحلة مش رايح يتعدم."
ومكنش ندمان أبدًا على كل الناس اللي قتلها وكان عددهم 8 ، ده غير قتل تاجر الحبوب وتاجر القماش والست بمبة ، ده غير كمان العضم البشري.
ولما سألوه في ضحايا تانية ليك ؟ ماردش على السؤال وده في حد ذاته يقلق لأنه كان واخد القتل أسلوب حياة زيه زي الأكل والشرب كده ، ففي السنتين اللي اختفى فيهم ورجع معنى كده إنه كان بيمارس هوايته المفضلة بس في حتة تانية.
مقابله سفاح كرموز الموت بإبتسامه
و دة في يوم الأحد 25 فبراير 1953 لأن كان يوم تنفيذ حكم الإعدام في سعد إسكندر اللي دخل أوضة الإعدام بهدوء ولامبالاه غريبة جدًا ، وكأن حد تاني اللي هيتعدم مش هو.
والحارس اللي كان مسؤول عنه لاقي سعد بيقرب منه وبيقوله في ودنه إنه ضحية 3 ستات دخلوا حياته ، ده غير دلع أهله.
والكلام ده طبيعي جدًا لشخصية زي سعد مش عاوزه تشيل بنص جنيه مسؤوليه ناحية اختياره فإنه يقتل ، والغريب إنه مقالش مين الـ 3 ستات دول ، ولا ليه كان ضحيتهم ، وإيه السبب طيب ؟
والأغرب علامات الاستفهام اللي بتدور حوالين سفاح كرموز
الأرملة اللي كانت أول ضحية ملهاش أهل يسألوا عنها.."هتقولي يمكن مقطوعة من شجرة" ، طب الجرايم اللي إتحاسب عليها مكنتش معاهم ليه ؟
وإزاي معدل الاختفاء الكبير في النهاية بقي عدد ضحايا أقل من 8؟
طب التجار اللي كانوا بيتقتلوا مكنش ليهم أهل يسألوا عنهم برضو ، وليه مكنش فيه بلاغات عن اختفائهم ؟ ، ولولا العامل اللي شاف التاجر وهو بيتقتل كان زمان ده لسه مستمر ؟
وكل الجثث اللي لقوها في المخزن والشونة 8 ، طب باقي الجثث راحت فين ؟
وفي النهاية قبل إعدام سعد إسكندر ..سأله مأمور السجن نفسك في إيه قبل ما تموت؟ ؛ رد سعد بهدوء ونظره وإبتسامه عاوز كوبايه ميه وسيجاره " يا مزاجك وروقانك يا عم سعد"
وفعلًا المأمور وافق ، وبعدها تم تنفيذ حكم الإعدام فيه وانتهت حكاية سفاح كرموز اللي عمل رعب وقلق لأهالي منطقة كرموز.